غرب العراق: صراع القوى الكبرى على الطرق الجديدة في الشرق الأوسط

صفاء خلف

نُشر في موقع “jadaliyya” جدلية، 1 فبراير 2019.

 

في الثامن والعشرين من آذار/ مارس (2017) صوّتت الحكومة العراقية السابقة (2014 – 2018) على مشروع لإعادة تأهيل واستثمار الطريق الدولي وطرحه بالكامل للاستثمار في إطار خطة طموحة بعدما عرضت لجنة المنافذ الحدودية في مجلس محافظة الأنبار (26 كانون الأول/ ديسمبر 2016) الجزء الواقع ضمن حدود المحافظة (من منفذ طريبيل إلى نقطة تفتيش “الصقور” جنوب شرق الفلوجة) للإستثمار، لكن اعتراضات عاصفة أجهضت الصفقة، لتعاود الحكومة حينها مجدداً التعاقد مع الشركة ذاتها، وهي شركة (Olive Group) المتفرعة من الشركة الأم (Constellis) بشروط جديدة في آذار/ مارس 2018.

يرتبط العراق بالأردن وسورية والمملكة العربية السعودية بعقدة المواصلات البرية المعروف بـ(الطريق الدولي السريع رقم 1)، وهو طريق إستراتيجي طويل ومعقد ينطلق من أقصى جنوب العراق حيث الموانئ في البصرة، وينتهي بنقطة التبادل التجاري الأكثر شهرة مع المملكة الأردنية الهاشمية [(الجانب العراقي/ طريبيل “مجمع طريبيل الحدودي” 575 كلم عن العاصمة بغداد) – (الجانب الأردني/ الرويشد “معبر الكرامة الحدودي” 320 كلم عن العاصمة عمّان)]، مع خطوط فرّعية تصل إلى مدينة القائم العراقية كنقطة عبور مشتركة مع سورية، وأخرى مع المملكة العربية السعودية جنوباً إلى (معبر عرعر). ينقسم الطريق الدولي إلى (9) ممرات تجارية سريعة، ويبلغ طوله الكلي داخل العراق 1200 كلم.

ew1
خريطة الطريق الدولي رقم 1. المصدر: موقع وزارة الاعمار والاسكان.

عقبات الدعاية المضادة

ثمة تعقيدات تقف عائقاً أمام انطلاق وتحقيق المشروع الذي منح استثماره  لشركة اميركية قابضة وهي (Constellis)، فيما التنفيذ للشركة الفرعية العائدة لها (Olive Group – مجموعة الزيتون للخدمات الامنية)، والأخيرة عملت في العراق في خدمة القوات الاميركية بعد العام 2003، وتحوم شكوك ومعطيات بأن (Olive Group) التي ستقدم الحماية الأمنية هي ذاتها شركة (Blackwater) سيئة الصيت التي تسببت بمقتل عراقيين في العام 2007، ولوحقت قانونياً ما اضطرها إلى تغيير الاسم إلى (R2) لتتمكن من دخول تحالف الطريق الدولي.

لكن التعقيد الذي يشكل عائقاً حقيقياً هو معارضة إيران للمشروع. فهي تعتبره حائط صد أمام طموحاتها في غرب العراق، ويمنح الأميركيين نفوذاً كبيراً في المنطقة ولاسيما أنه يؤثر على مشروعها في سورية المجاورة.

فعقب زيارة رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي إلى واشنطن ولقاء الرئيس دونالد ترامب (20 آذار/ مارس 2017)، طرح العبادي مشروع استثمار الطريق الدولي بقوة وحفّز السياسيين العراقيين على دعمه. وفي الثالث من نيسان من العام ذاته، وصل صهر ترامب، جاريد كوشنر رفقة رئيس أركان الجيوش الاميركية المشتركة الجنرال جو دانفورد إلى بغداد. بدت تلك الزيارة اقتصادية وأمنية لترتيب ملفات كبيرة لواشنطن في العراق، من بينها استثمار الطريق الدولي.

مشروع الحوض الإيراني الى شرق متوسط

بالمقابل؛ ووفقاً لحديث خاص أدلى به رئيس الحكومة الحالية حيدر العبادي في لقاء مع باحثين – من بينهم الباحث – في تموز/ يوليو 2017، فأن إيران تقدمت بمشروع لشق طريق دولي استراتيجي مشابه إنطلاقاً من أراضيها عبر محافظة ديالى العراقية وصولاً إلى الأراضي السورية.

الطريق الإيراني المقترح، يتضمن استثمار شبكة الطرق السريعة في شرق العراق، وفتح طرق جديدة تعزز القديمة، وصولاً إلى جنوب غرب الموصل داخلاً إلى الاراضي السورية، ضمن مشروع طموح لإعادة إحياء “طريق الحرير” بالتعاون مع الصين استجابة لمشروع الأخيرة (طريق واحد – حزام واحد) للوصول إلى شرق المتوسط عند الساحل السوري الخاضع لسيطرة نظام الأسد تحت الحماية الروسية.

السعي الايراني إلى تلك المنطقة، هو لحيازة التأثير الاقتصادي والجيوبولتيكي ومنابع الطاقة الجديدة المكتشفة من نفط وغاز والتي تقدر بـ 123 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وكميات هائلة من النفط في جنوب وشمال سورية بما يعادل النفط المكتشف بدولة الكويت. فضلا عن السيطرة على الطاقة المكتشفة قبالة الساحل اللبناني، والمعروفة بـ”البلوكات التسعة”.

تقتضي الخطة الإيرانية – الصينية – الروسية، تدمير مشروع الخط الأميركي – الأوروبي عبر تركيا للغاز والطاقة (Nabucco pipeline) والذي سيعتمد أيضاً على الطاقة السورية المكتشفة، فيما الصين أيضاً تسعى إلى تطويق خطوط التجارة وسط آسيا عبر الشراكة بمشروع بناء ((Gwadar port الباكستاني المدعوم من قبل قطر وإيران والصين، في إطار (الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني) ويهدف محلياً إلى إنشاء طريق بري متكامل الخدمات بكلفة 46 مليار دولار، يربط بين مدينة كاشغر الصينية وغوادر الباكستانية، فضلاً عن مشروع توسعة ميناء تشابهار (Chabahar) الإيراني برأس مال هندي يصل إلى 500 مليون دولار للسيطرة على الخط التجاري في أفغانستان.

ويحمل ميناء تشابهار الإيراني، الواقع على الساحل الجنوبي الشرقي لإيران، قيمة استراتيجية بالغة الأهمية بالنسبة للهند، إذ إنه يوفر لها إمكانية الوصول البحري – البري إلى أفغانستان، ثم إلى أواسط آسيا، عبر الحدود الإيرانية الشرقية، ومن ميناء تشابهار الإيراني ثمة طريق يبلغ طوله نحو 883 كيلومتراً، يصل إلى مدينة زرنج (Zaranj) الحدودية الأفغانية مع إيران، ويحمل اسم طريق (زرنج – ديلارام) الذي أشرفت «مؤسسة الطرق الحدودية» الهندية على إنشائه في العام 2009، بما يتيح الوصول إلى أربع مدن أفغانية كبرى: هيرات، قندهار، كابل ومزار شريف.

أعلنت السلطات الإيرانية في (6 ديسمبر/ كانون الاول 2018) عن هجوم انتحاري بسيارة مفخخة في مركز مدينة (Chabahar) استهدف دائرة الشرطة العامة، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة ما لا يقل عن 40 آخرين.

تضاربت الأنباء وقتها عن مقتل قائد شرطة المدينة. فالوكالات الإخبارية الإيرانية أكدت، بينما قائد القوات البرية في الحرس الثوري محمد باكبور نفى.

حامت ظلال كثيفة من التعتيم على ملابسات الإنفجار الذي تبنت مسؤوليته جماعة (أنصار الفرقان) وهي منظمة مسلحة من “البلوش السُنة” في إيران، تنشط في محافظة سيستان وبلوتشستان (جنوب شرق ايران)، تأسست في ديسمبر/ كانون الاول 2013، بعد الإندماج بين حركة “أنصار إيران” و”حزب الفرقان” إضافة الى منشقين من جماعة “جيش العدل”، وتصنفها الحكومة الإيرانية كمنظمة إرهابية.

في (23 نيسان/ أبريل 2015) أعلن عن مقتل زعيم “أنصار الفرقان” هشام عزيزي في عملية أمنية إيرانية جنوب المحافظة في مدينة “قصر قند”.

وفي (25 آيار/ مايو 2017) نفذ “أنصار الفرقان” هجوماً استهدف قطاراً لبضائع ومعدات الحرس الثوري، وبعد عمليات واسعة استمرت بضعة أيام ضد التنظيم أعلن الحرس الثوري في (10 تشرين الاول/ أكتوبر 2017) القضاء الكامل على التنظيم إلا أن التنظيم أصدر وقتها بياناً فند ما أعلنه الحرس الثوري مؤكداً إصراره على “الانتقام”.

اللافت في التغطيات الخبرية لهجوم (Chabahar) أن وسائل الاعلام الاماراتية ومنها جريدة “البيان” أصرّت على أن الهجوم استهدف ميناء (Chabahar) لا مركز المدينة!

وبالتأكيد فأن المحاولة الاماراتية ترمي إلى اضعاف الثقة بالموانئ الايرانية لوقف استثمارات أجنبية محتملة فيها.

هذه المشاريع التي تتقاطع بالامتداد بين أواسط آسيا وأواسط أوروبا عبر منطقة الشرق الأدنى، تلقي بتأثيرها على مشروع استثمار الطريق الدولي في العراق بشكل مثير وغامض.

عملياً، تأتي الأهمية القصوى للطريق الدولي العراقي، من السيطرة على حوض الأراضي الشاسعة غرب العراق بالامتداد مع الأردن وجنوب شرق سورية، ولاسيما مع وجود مشاريع خطوط أنابيب مقترحة للطاقة، لتحييد الخط التركي (جيهان – Ceyhan pipeline) إثر أزمة انفصال إقليم كردستان العراق، وما قبلها من الهجمات العنيفة المتكررة على الأنبوب، وخطة استبداله بخط (العقبة – البحر الأحمر)، فضلاً عن إحياء الأنبوب الاستراتيجي العراقي – السعودي الذي يصل إلى ينبع القريبة من العقبة، والذي بُني في أواسط الثمانينات إبان الحرب العراقية – الإيرانية بعد توقف موانئ التصدير العراقية في أم قصر جنوباً. يضاف أيضاً خط تصدير محدود جديد بوشر العمل به في الأراضي العراقية، لإحياء أنبوب نفطي ينطلق من جنوب العراق إلى ميناء بانياس السوري.

يحاول الإيرانيون عرقلة مشروع الطريق الدولي غرب العراق، بيّنما يسعون إلى بناء حزامهم الإقتصادي والأمني في الشرق، غير أن الحكومة العراقية السابقة لم تتخذ قراراً بالموافقة على المشروع الإيراني، لكن فعلياً قامت إيران بتأمين حوض الطريق المقترح وفرضت تغييرات ديموغرافية هناك عبر فصائل “الحشد الشعبي”، فيما تواجه انتشاراً للقوات الاميركية ونحو 30 ألف مقاتل من الجماعات السورية المدعومة من قبل واشنطن شرق الفرات داخل سورية.

فاجأ الرئيس الاميركي دونالد ترامب الجميع بما فيهم حلفاءه الأكراد بالإعلان عن انسحاب قوات بلاده من المنطقة السورية في (19 كانون الاول/ ديسمبر 2018) بتغريدة مقتضبة عبر “تويتر”: [ لقد ألحقنا الهزيمة بالدولة الإسلامية في العراق والشام، وكان هذا السبب الوحيد لوجودنا هناك (…) بعد انتصارات تاريخية ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام حانت عودة شبابنا إلى الوطن”.

وبالعودة إلى تفاصيل الصراع؛ لمرتين على التوالي حاولت طهران استفزاز واشنطن في (معبر التنف – المثلث العراقي – السوري – الأردني) بإرسال فصيلين عراقيين هما (كتائب سيد الشهداء) و(كتائب حزب الله العراق) لكنهما تعرضا إلى قصف جوي عنيف خلّف عشرات القتلى والجرحى.

وفي أواخر العام 2017 انسحبت القوات الاميركية والسورية الموالية لها من (التنف)، لكنها أبقت على الانتشار في شرق الفرات.

وباتت واشنطن تؤمن بالأهمية الإستراتيجية لمنطقة (التنف) منذ العام 1991 بعد أن استخدمها العراق كمنصة إطلاق صواريخ (سكود) باتجاه إسرائيل أثناء حرب الخليج الثانية، وفي آذار/ مارس 2003 قامت القوات الاميركية بالسيطرة على المنطقة عبر إنزال جوي تمهيداً لغزو المنطقة الغربية من العراق.

تبلغ مساحة “التنف” أكثر من 80 كيلومتراً طولاً و50 كيلومتراً عرضاً، يتخللها وادي وجبل التنف، وكلاهما في الجزء السوري من هذه المنطقة التي غالبيتها ذات طبيعة صحراوية قاسية، باستثناء الوادي الذي يفيض بمياه السيول كل عام، ويطلق عليه أيضاً “وادي التنف” وينتهي داخل الأراضي العراقية حيث يلتقي مع متفرعات وادي حوران الكبير، غرب الأنبار.

تعد تلك المنطقة مرعى غزال الريم العربي. كما يمرّ من المنطقة أنبوب النفط العراقي المعطل منذ نحو 70 عاماً والمعروف باسم خط كركوك – حيفا، والذي شيّد عام 1932 لإيصال النفط العراقي إلى حيفا ومنه إلى اوروبا.

يبلغ طول الأنبوب 942 كيلومتراً، وأوقف العراق ضخ النفط فيه عام 1948. ولا يزال الأنبوب قائماً رغم تهالكه ويعرف في العراق أيضاً باسم أنبوب الموصل – حيفا، إذ كانت كركوك سابقاً مدينة تابعة للموصل.

وباتت عقد الأنبوب (مراكز التحكم) بمثابة دلالات لا تزال تستخدم حتى الآن في العراق، إذ هناك منطقةH1  و H3، وهي عقد ومراكز السيطرة على الضخ الممتدة على طول الأنبوب. وفي مثلث التنف توجد نقطة H4. ويرمز الحرف H إلى الحرف الأول من مدينة حيفا الفلسطينية.

في الجانب الآخر، فإن المهربين يعتبرون تلك المنطقة شريانهم الوحيد في نقل المواد والبضائع المهربة بين العراق والأردن عبر ما يعرف بـ”الكسّرات”، في إشارة إلى كسر السواتر الترابية للحدود بين البلدين وإدخال المواد المهربة، وهي في العادة سجائر وأغنام عراقية وبنزين، وإرهابيين وأسلحة بعد العام 2003.

يعد (التنف) أحد أهم ثلاثة معابر رسمية بين العراق وسورية، ويقابله على الجانب العراقي (معبر الوليد الحدودي)، ومع أوائل العام 2018، تسارعت وتيرة الإتفاقات بين بغداد ودمشق لتشغيل المعبر، وحطّ وزير داخلية النظام السوري محمد الشعار في بغداد لتسريع افتتاح المعبر رسمياً.

وكتسريع لخطة الإحتواء، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيره العراقي السابق إبراهيم الجعفري (16 تشرين الاول/ أكتوبر 2018) أن عملية إفتتاح معبر البوكمال، المعروف عراقياً بـ«القائم»، باتت «وشيكة». بالتزامن مع افتتاح معبري (القنيطرة) مع الجولان المحتلة من إسرائيل، و(نصيب) مع الأردن. وكردٍ اميركي على خطوة التقارب العراقية – السورية بفتح المعبر، أنزلت القوات الاميركية منطاداً لمراقبة الحدود والتحركات المسلحة للتنظيم (داعش) أو جماعات الحشد الشعبي، وإحكام السيطرة على كامل حوض الحوض، أنزلته في (30 تشرين الاول/ اكتوبر 2018) دون الكشف عن الأسباب، بعدما رفعته قبل نحو شهرين لمراقبة المنطقة.

بات الشريط الحدودي العراقي – السوري ملغماً بالتوتر بعد أن فرض “الحشد الشعبي” نفسه كمراقب للحدود ومسيطراً عليها لضمان الهيمنة الإيرانية، وإبعاد الاميركيين عن خطوة التمركز وإقامة قاعدة هناك، لكن على الطرف الآخر (شرق الفرات) يحاول الأميركيون قلب المعادلة لصالحهم عبر تفتيت القوة الإيرانية وقطع خطوط التواصل والإمداد وإفشال طريق طهران – دمشق – جنوب لبنان عبر الأراضي العراقية.

كشفت جريدة المدى العراقية في تقرير لها في (10 كانون الاول/ ديسمبر 2018)  بناء على معلومات مصادر وصفتها بـ”المطلعة” في الأنبار إلى أن “قوة أميركية مجهزة بأسلحة ثقيلة ومعدات متطورة، تمركزت في مناطق تقع شمال القائم، قريبة من ناحية الرمانة التابعة للقضاء، وهي المدينة العراقية الأولى بعد الحدود السورية (…) وتنتشر في معسكرين: الأول في منطقة “قطارات الفوسفات” جنوب القائم، وتضم بضعة آلاف من المقاتلين، والثاني هو المقر الجديد، ويضم المئات من الجنود الامريكيين (…) وأنه مع المقر الجديد للقوات الأميركية أصبح عدد الثكنات والمعسكرات التابعة للقوات الاجنبية في الأنبار “6 مواقع”، وهي: معسكر الحبانية، معسكر عين الأسد في البغدادي، معسكر (T 1) قرب هيت، ومعسكر “الخسفة” قريب سد حديثة، بالإضافة إلى معسكر قطارات الفوسفات، والمقر الجديد قرب الحدود.

تؤكد مصادر الصحيفة أن عدد القوات الاميركية في الأنبار لوحدها وصل إلى “9 آلاف مقاتل”، فيما كان الجيش الامريكي قد كشف مطلع العام الحالي أن عدد قواته العاملة في عموم العراق هو 5262. وتنتشر القوات الأمريكية في قواعد أخرى خارج الأنبار، وهي قاعدة “فيكتوري” في مطار بغداد و”التاجي” شمال العاصمة، وقاعدة بلد الجوية في صلاح الدين، وقاعدة القيارة (جنوب الموصل)، وقاعدة أربيل.

تراهن ايران على العراق كظهير إقتصادي قوي يؤمن لها توسع سياسي ونفوذ أمني بكامل المنطقة، فهي تُهيّمن على خمسة مسارات تجارية بغطاء استخباري قوي عبر العراق:

1- المسار الاول: يغطي المنطقة الجنوبية عبر منفذ (الشلامجة – البصرة).

2- المسار الثاني: منفذ (الشيب – ميّسان) في المنطقة الجنوبية.

3- المسار الثالث: منفذ (مهران – بدرة وجصان – واسط) في منطقة الفرات الاوسط.

4- المسار الرابع: منفذ زرباطية – ديالى (أعالي بغداد باتجاه الحدود السورية – طريق الحرير المقترح).

5- المسار الخامس: عبر منافذ المنطقة الكردية – إقليم كردستان شمالاً.

عبر هذه الشبكة تبتدع طهران لها خارطة اقتصادية متعددة التوظيفات، بيّنما تُعرقل الطريق الاميركي غرب العراق لتنشيط التجارة مع الأردن والسعودية والنقل البحري إنطلاقاً من ميناء أم قصّر.

تحاول إيران قطع الطريق على الطموح السعودي بالاستثمار في الأنبار بمعارضة مشروع الطريق الدولي ومنع الشركات الأميركية من العمل عبر مجاميعها المسلحة المنضوية في إطار الحشد الشعبي، فيما تخوض صراعاً مع تركيا لتأمين الطريق الصاعد من ديالى إلى تلعفر ومنه إلى العمق السوري، فتركيا ترى بتلّعفر عقدة المواصلات التي تقطع على الإيراني دعم نظام الأسد وتحد من أية تغييرات ديموغرافية لصالحها، وتشاطرها بالرؤية واشنطن.

الخارطة الاقتصادية للطريق الدولي

يقع الطريق الدولي الاستراتيجي غرب العراق، ويبلغ طوله 1200 كم، وينطلق من أقصى جنوب العراق حيث ميناء أم قصر الاستراتيجي، ماراً بنحو أربع محافظات وتسع مدن، ويقطع أراضي محافظة الأنبار الصحراوية الشاسعة، ويصل إلى بغداد عبر طريق الفلوجة – عامرية الفلوجة – أبو غريب (22 كلم) فيما يتصل بالطريق الدولي الاستراتيجي الجنوبي الواصل إلى الموانئ البحرية في البصرة، عند عقدة مواصلات (جنوب غرب العاصمة بغداد – شمال غرب محافظة بابل)، ويُعرف بـ”طريق المرور الدولي السريع رقم 1″ وهو جزء من شبكة (طرق المشرق العربي الدولية) ويتصل بالطرق الإقليمية (M5) و(M30) و(M40). فيما يتصل ببغداد عبر جنوب شرق الفلوجة وما بات يعرف بعد العام 2015 بـ”سيطرة الصقور” وهي نقطة تفتيش جمركية واستخبارية تفصل الأنبار عن بغداد. ويتفرع من الطريق الدولي، الطريق المؤدي إلى معبر عرعر الحدودي مع السعودية.

يؤمن الطريق الدولي السريع، وفقاً لمعطيات البنك الدولي الذي يمول جزءاً من إعادة تأهيل الطريق الذي شُيد قبل نحو 30 عاماً، ما بين (15 ألفاً) و(30 ألفاً) من المعدل السنوي للحركة المرورية التجارية اليومية، والتي تشكل ما نسبته 40% منها من الحركة البرية التجارية في عموم العراق. البنك الدولي يمول تأهيل وإصلاح 33 طريقاً في العراق.

تسعى الولايات المتحدة الاميركية لاستثمار الطريق عبر تجزئته وفقاً للأهمية الاقتصادية، لكنها تحرص أن يكون الخط الأساس الذي يصل الطريق بالعاصمة بغداد تحت سيطرتها بالكامل عبر الشركة المنفذة وبـ”شراكة حماية إطار عام” من قبل الأجهزة الرسمية العراقية (الجيش العراقي) و(قوات وزارة الداخلية الموثوقة حصراً) بعيداً عن قوات “الحشد الشعبي” المدعومة من إيران والتي تعارض استثمار الطريق أميركياً وتطرح مشروعاً موازياً باستثماره عبر شركات أجنبية أو إيرانية عبر واجهات عراقية من الباطن. وتلك القوات أيضاً تنتشر في المحافظة السُنية.

وكقراءة اقتصادية للإستثمار السياسي للطريق الدولي، فإن تأمينه يعتمد أيضاً على التفاهمات الأميركية – الروسية في سورية، فالقوات العراقية باتت تسيطر على معبري (الوليد) و(القائم) وطريق (الرطبة) المؤدي إلى سورية، لكن يجب الإتفاق على التأمين الدائم لطريق بغداد – عمّان وإدامة الاستقرار في مناطق أعالي الفرات ولاسيما مثلث (راوه – عانة – حديثة) إلى بلدة القائم.

فهناك طريقان رئيسيان، من المفترض أن يؤديا دوراً حاسماً بنجاح المشروع: (الطريق 20) بين الرطبة والقائم، و(الطريق 12) بين القائم والحسكة في شمال سورية، والذي يعبر منفذ البوكمال الحدودي، ويمرّ عبر بلدات حدودية رئيسة في دير الزور.

يتمتع الطريق الدولي السريع بنحو 40 جسراً وممراً مُعلقاً، وتشير التقديرات أن ما بين 20 الى 36 جسراً قد تعرضت إلى التدمير الكلي أو الجزئي، وباتت خارج الخدمة عقب أحداث تنظيم (داعش) في المنطقة. وكخطة لتشغيل الطريق بطاقته القصوى يتطلب إعادة إعمار تلك الجسور.

تقتضي خطة الحماية المقترحة من الشركة الأميركية بمسؤوليتها عن تأمين محيط الطريق – بحسب وزارة الإسكان والإعمار – بعمق 5 كلم. ويتطلب ذلك إقامة علاقات مع المجتمع المحلي الذي يتوزع على جنبات الطريق السريع والذي تختلف ولاءاته القبلية والسياسية، لكنها بالمجمل مجتمعات قبلية سُنية، لكنها الآن تخضع لضرورات التحالف مع القوى الشيعية المسلحة ولاسيما بعد طرد تنظيم “الدولة الإسلامية – داعش” من المنطقة.

يُبين النائب عبدالعزيز حسن، عضو لجنة الأمن في مجلس النواب العراقي السابق (6 أيار/ مايو 2017) إن “الشركة (الأميركية) ستضع سياجاً على طول الطريق، وتوفر الحماية بعرض 10 كم على يمين ويسار الطريق (…) والشرطة والجيش سيكونان على بعد 2.5 كلم عن آخر نقطة ضمن صلاحيات الشركة الأميركية”.

وينقل حسن عن قائد حرس الحدود العراقي قوله بأن “حرس الحدود لا يملك إمكانات كافية من طيران ومعدات لحماية الحدود (…) كما أن حرس الحدود لديه ثكنات عسكرية (ربايا) تقليدية في بعض المناطق على الطريق الدولي”.

وتشترك قوات حرس الحدود مع قطعات الجيش العراقي، في مسؤولية حماية الطريق الرابط بيّن منفذ طريبيل والرمادي. لكن قوات “الحشد الشعبي” تتدخل وتفرض سطوتها هناك بقوة.

تطمح واشنطن إلى تحويل الطريق الدولي السريع إلى ما يشبه طريق (New Jersey Turnpike)، وثمة مباحثات موازية لإنشاء ثلاثة طرق سريعة استثمارية أخرى في العراق تديرها شركات اميركية:

1- الأول: يمتد على طول الحدود السعودية عبر كربلاء إلى بغداد.

2- الثاني: من مدينة البصرة الجنوبية إلى بغداد.

3- الثالث: من الحدود السورية إلى بغداد.

يهدف المشروع سياسياً، بأن الاستثمار سيقضي على أي تمرد محلي مستقبلاً بالتعاون مع حكومة عراقية متعاونة ومستجيبة للتحديات، فضلاً عن خلق آلاف الوظائف وتغيير نمط حياة المجتمعات المحلية هناك بالشكل الذي يعزز الثقة بالشركاء الاميركيين والحكومة المركزية في بغداد والحكومة المحلية في الأنبار، ويخلق من زعماء القبائل قوة حيوية إيجابية لدعم الإستقرار البعيد المدى الذي يتطلبه الإستثمار.

منحت الحكومة العراقية شركة (Constellis) وهي الشركة الأم لـ(Olive Group) استثمار الطريق الدولي السريع لمدة 25 عاماً بدءاً من العام 2018، وبموجب الإتفاق ستحوز بغداد على جزء من أرباح إيرادات الطريق، فيما الشركة الأميركية ستتمتع بالإدارة الكاملة وعمليات الصيانة. ولا يعرف على وجه التحديد حجم الصفقة مالياً.

تعمل شركة (Constellis) في ست محافظات عراقية بمجال الخدمات الأمنية واللوجستية والمراقبة وقياس استجابة تحسن الأمن، وحماية الشركات الأجنبية، ولاسيما الشركات النفطية. تعمل الشركة في بغداد، البصرة، النجف (تأمين الحماية لمطار النجف الدولي)، ومحافظات إقليم كردستان وأهمها أربيل.

ترحب بغداد بهذا الاستثمار وفقاً لإعلانات رئيس الحكومة لجهة أنها “لن تدفع أموالاً للإعمار والتأهيل والحماية”، سوى تقديمها وحدات عسكرية وأمنية واستخبارية تقليدية تقوم بإسناد الشركة وحمايتها من الهجمات المحتملة من قبل المجموعات المسلحة، سواء تنظيم “الدولة الإسلامية – داعش” أو المجموعات القبلية التي ستبتز الشركة للحصول على الوظائف والمساعدات المالية، أو هجمات الفصائل الشيعية “الحشد الشعبي” التي تنظر إلى الشركة المستثمرة كـ”عدو” يعمل لصالح جهاز الإستخبارات المركزية (CIA)، ووجه من أوجه “بقاء الإحتلال” طبقاً للتوجهات الإيرانية.

أثارت إيران عبر المنابر الإعلامية الممولة من قبلها في العراق، دعاية مضادة لعرقلة المشروع، لجهة أن الشركة المتعاقد معها هي بالأصل شركة (Blackwater)، وقدمت المجموعات النيابية ذات الصلة الوثيقة بطهران مشروعاً لاستجواب رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي في (7 اغسطس/ آب 2017) لكنه لم يتم، تضمن أن العراق تعرض لعملية خداع بتغيير اسم الشركة إلى (R2) وسجلت في دولة الإمارات العربية المتحدة وحصلت على ترخيص عمل دولي منها، وأنها باتت تحظى بغطاء سياسي من لدنها أيضاً.

عملياً، توقفت أعمال تحالف الشركات في المشروع، بعد أن قامت باستطلاع المنطقة فقط، ووضع مكاتب إدارية مؤقتة في منفذ طريبيل الدولي مع الأردن، نتيجة الضغوط السياسية والدعائية والأمنية التي مورست ضدها.

وبحسب تصريح رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب السابق، حاكم الزاملي – وهو من التيار الصدري – (الأول من كانون الأول/ ديسمبر 2017)، فإن “اعتراضات سياسية وأخرى أمنية وجهات كثيرة أخرى، حالت دون تنفيذ العقد مع الشركة لتأمين طريق بغداد – عمان بطريقة الإستثمار الطويل (…) الشركة نفسها أيضاً انسحبت أخيراً، واليوم المناطق تحررت ولا حاجة لتأمين خارجي، فالقوات العراقية وأبناء الأنبار قادرون على القيام بالمهمة”.

وفي آخر تحديث على الموقف، أكد حاكم بلدة الرطبة في الأنبار، عماد الدليمي (2 آيار/ مايو 2018) أن “الشركة التي تم التوصل إلى اتفاق معها من قبل الحكومة الإتحادية، لإعادة تأهيل وتأمين الطريق السريع الدولي لم تباشر بعد حتى الآن”.

ويبدو أن عدم مباشرة الشركة الاميركية لاستثمارها المغري غرب الأنبار، لم يكن عزوفاً تكتيكياً لكسب الوقت واحتواء خطوات العرقلة الايرانية، إنما انسحابا صامتا.

ويكشف عضو مجلس إدارة محافظة الأنبار، صباح الكرحوت (27 حزيران/ مايو 2018)، أن حكومة الانبار طلبت رسمياً من الحكومة الإتحادية في بغداد “ضرورة سحب المشروع من الشركة الأميركية (…) والإيعاز للجهات الحكومية في الأنبار بتأهيل الطريق، طالما هو مؤمن من قبل القوات الأمنية (…) لكن لا بد من دعم حكومي لتأمين المناطق الصحراوية (…) فضلاً عن توفير أموال لأهالي الأنبار وحكومتهم المحلية ليقوموا باستثمار هذا الطريق”.

ويبدو أن الصراع الإيراني – الاميركي على غرب العراق وسط حياد بغداد، بات يخضع لتكتيكات عدم الصدام المباشر، فقد ألمح حاكم قضاء الرطبة، عماد الدليمي في (5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018) أن هناك معلومات تتحدث عن إمكانية إحالة استثمار الطريق السريع الدولي مع الأردن إلى إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة.

ويبدو أن الفيتو الايراني القوي على الارض المتمثل بالجماعات الشيعية المسلحة على أي استثمار اميركي على الحدود مع سورية، دفع واشنطن إلى تدويل الملف عبر إشراك اذرع الامم المتحدة ذات العلاقة بالتنمية، كمنظمة (UNDP) بالشراكة مع البنك الدولي، عبر تخصيص أموال لصيانة الجسور على الطريق السريع الدولي الممتد من العاصمة بغداد إلى الرمادي والرطبة، وصولا إلى منفذ طريبيل الدولي مع الأردن، ما يعني استدعاء شركات صيانة وتأهيل أجنبية متخصصة تطلب غطاءاً أمنياً احترافياً لا يمكن للحكومة العراقية أن توفره، فتباشر الشركة المستثمرة بالاساس (Olive Group) تحت أي مسمى أعمالها المتوقفة.

موقف الفصائل المسلحة المدعومة من إيران

تعارض الفصائل المسلحة الشيعية المدعومة من إيران في إطار ما يسمى بـ”محور المقاومة” مشروع استثمار الطريق الدولي السريع من قبل الشركات الأميركية:

– (كتائب حزب الله): تعارض مشروع استثمار الطريق الدولي. وقالت في مواقف عدة أبرزها بيانها الرسمي في (31 آذار/ مارس 2017) إن:

“واشنطن عمدت في خطتها الجديدة إلى نشر قواتها في قواعد رئيسة ومناطق مهمة في البلاد (العراق)، لتوفر السيطرة التامة على الحدود العراقية السورية بذريعة منع الجمهورية الاسلامية (إيران) من استخدام الحدود البرية لدعم سوريا وحزب الله، ناهيك عن الهيمنة على مقدرات العراق ودعم الأطراف المحلية بهدف تمرير مشاريع التقسيم (الإقليم السُني)، وإن هذا الطريق الرابط بين العراق والأردن يعد ممراً استراتيجياً، يسمح لأميركا والقوى التي تسعى للسيطرة عليه بفرض هيمنتها على الأنبار خصوصا والإقليم السني المقرر تشكيله وفق خطة أميركية – خليجية، كما أن وجود القوات الاميركية في تلك المنطقة المهمة يأتي أيضا لضمان المصالح الاردنية”.

– (عصائب أهل الحق): اعتبرت استثمار الطريق الدولي “مخططاً امريكياً لنشر قوات أجنبية في المناطق السكنية والمدنية بزعم حماية الشركات الأميركية الاستثمارية”، وفقاً لبيان ناطقها العسكري جواد الطليباوي في (30 آذار/ مارس 2017):

“الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب تعمل على سيناريو جديد لنشر قوات أمريكية في المناطق المدنية بحجة حماية الشركات الإستثمارية (…) إن تلك الشركات تمارس عمليات تجسس لصالح الإستخبارات الأميركية (…) لذا تقتضي الضرورة الاستعانة بشركات بديلة من روسيا وأوروبا”.

– زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي تشدد في رفضه للمشروع في خطبة بمحافظة بابل (نيسان/ أبريل 2017): “عندما تسلم الحكومة العراقية الطريق (…) لشركة أمنية أمريكية لتأمينه، فإن هذا الأمر يجب ألا يمر مرور الكرام، وعلينا الوقوف أمامه (…) العراق لديه جيش استرد عافيته وتعداده 300 ألف جندي، ووزارة داخلية تعدادها 600 ألف منتسب، وحشدان شعبي وعشائري. هل يحتاج إلى التعاقد مع شركة أمنية أمريكية؟”.

–  منظمة بدر: تعارض أيضاً المشروع، ووفقاً لمعين الكاظمي وهو قيادي كبير في المنظمة، وقيادي أيضاً في “الحشد الشعبي” فإن منظمته “تعارض هذا الطريق لأنه سيعطي ذريعة للأمريكيين للحفاظ على وجودهم العسكري (…) والحشد الشعبي بات يسيطر على ذات الطرق (غرب العراق) التي سيطر عليها داعش لتبادل الإمدادات والقوات بين سوريا والعراق (…) وبما أننا نسيطر على هذا الطريق، يمكننا التأكد من استخدامه في التبادل التجاري، وسيعيد العلاقات مع سوريا وجنوب لبنان”.

– وزير إعلام النظام السوري رامز الترجمان في مقابلة تلفزيونية: “الهدف هو الربط الجغرافي بين سوريا والعراق ومحور المقاومة”.

الخطة الايرانية لتطويق الطريق الدولي

تنتشر “قوات الحشد الشعبي” بما فيها الفصائل الموالية لايران في مناطق عدة من محافظة الانبار، ولاسيما بمناطق (شمال غرب – وجنوب شرق – وجنوب غرب) مثل كماشة نشطة لتطويق أي اختراق أميركي غير مرغوب فيه بالمنطقة، خصوصا مع تواجد أميركي في (قاعدة عين الأسد) وبحيرة (الحبّانية) وسط ترحيب المجتمع المحلي الذي يرى بالتواجد الاميركي دعامة استقرار المنطقة وتنشيط الإقتصاد فيها.

وبُعيّد الاعلان الحكومي عن توقيع العقد مع المجموعة الأميركية، استنفرت قوات “الحشد الشعبي” مقاتليها في المنطقة. وبحسب مجلس محافظة الأنبار فإن فريقاً استطلاعياً من الشركة زار المنطقة المستهدفة بضمنها (منفذ طريبيل الحدودي) انطلاقاً من قاعدة (عين الأسد) في (آذار/ مارس 2017)، وفي زيارة نادرة أخرى في آب/ أغسطس من العام ذاته، بعدها لم يبق للشركة من أثرٍ يدل على تواجدها.

خلال أيار/ مايو 2017، شهد الطريق الدولي السريع (غربي الأنبار) ولاسيما الطريق النازل من بلدة القائم الحدودية مع سورية، والطريق الآخر الموازي النازل من بلدة الرطبة حتى منفذ طريبيل، تصاعداً غير مسبوق وغريب التوقيت في أعمال العنف، بعد الإعلان عن توقيع عقد الاستثمار مع الشركة الأميركية.

أسفرت احدى تلك الهجمات – اُتهم تنظيم “الدولة الإسلامية – داعش” بشنها – عن مقتل وخطف 20 جندياً من فرقة المشاة الأولى التابعة للجيش العراقي، المسؤولة عن تأمين محور غرب الأنبار. ويعتقد الأمنيون أن الثغرة غير المؤمّنة تمتد لنحو 400 كلم دون انتشار أو غطاء جوي.

يعتقد المسؤولون المحليون في الانبار، أن “جهات لا تريد إعادة فتح الحدود هي من تقف وراء زعزعة الأمن في المنطقة، ولم تستبعد وجود تنافس للحصول على عقد الشركة التي ستستعين بعناصر وجهات عراقية”.

عقب تلك الهجمات، والتي بدت وكأنها رسالة دامية إلى رئيس الحكومة حيدر العبادي للتراجع عن خطة الاستثمار. تراجع العبادي فعلاً وأعلن في مؤتمر صحفي أن “القوات الأمنية تحمي الطريق البري الدولي إلى عمان ومنفذ طريبيل بالكامل”. ومن حينها لم تعلن الحكومة أية بيانات أو تعليقات بشأن المشروع والشركة.

وقُبيّل إعادة تشغيل (منفذ طريبيل) الحدودي مع الأردن، أعلن “الحشد الشعبي” في (14 اغسطس/ آب 2017) عن البدء بإنشاء سد ترابي بطول 300 كلم، لتأمين الطريق الدولي، ليكون “الحد الفاصل بين مدن أعالي الفرات والفرات الأوسط وجنوب الفرات وحتى العاصمة بغداد (…) لتأمين الطريق الدولي بين بغداد ودمشق وعمّان المار بمدينة بالرمادي والمنتهي بمنفذي طريبيل والوليد الحدوديين”.

الحاجز الترابي، هو سياج أمني لعزل منطقة حوض الطريق الدولي وتحقيق السيطرة الكاملة عليه بالشكل الذي يُعقد مهمة أي محاولة مستقبلية للحكومة باستقدام شركات جديدة، فيما المسعى الحقيقي أن يفرض “الحشد الشعبي” واقع ابتزاز على الحكومة العراقية بعدم السماح سوى للشركات التي تتناغم مع المصالح الايرانية.

ووفقاً لمركز أبحاث اميركي، فإن “مشروع (Olive Group) بحدّ ذاته قد يؤدي إلى إقامة منطقة عازلة سنية، تخفف الهواجس الأردنية والسعودية، من احتمال انتشار (الحشد الشعبي) على حدودهما”. لكن العكس هو ما يحصل على الأرض.

وفي أكثر من مناسبة، أعلن “الحشد الشعبي” أنه ينوي الدخول إلى الأراضي السورية لمساندة قوات نظام الأسد، وعملياً هي تتحرك على طول الحدود، وحققت ربطاً مع القوات السورية بنقاط عدة على الحدود من خلال معبري الوليد والقائم. فحققت لقاءً استراتيجياً في (يونيو/ حزيران 2017) مع قوات النظام السوري في قرية (أم جريص) قرب القائم، وبالنهاية تمركزت بمنطقة البوكمال السورية.

انتشار “الحشد الشعبي” في الانبار وغرب الموصل على طول الحدود مع سورية والمثلث (العراقي – السوري – الاردني) أشبه بوضع اليد الايرانية على المنطقة بكاملها. وحين خلُصَت المباحثات العراقية – الاردنية إلى ضرورة فتح معبر (طريبيل – الكرامة) مجددا أمام الحركة التجارية في (30 آب/ أغسطس 2017) اشترطت عمّان أن يُفتح المعبر بضمانات أميركية، وتلك الضمانات تمثلت بأن تنشر واشنطن عديداً من قواتها في أقصى غرب الانبار.

وعقب زيارة رئيس الحكومة حيدر العبادي إلى واشنطن ولقاء الرئيس دونالد ترامب في (20 آذار/ مارس 2017)، سُرّبت معلومات من الدائرة الحزبية للعبادي (حزب الدعوة) أن التفاهمات الأميركية – العراقية تطرقت إلى إمكانية إقامة خمس قواعد أميركية مع زيادة عدد القوات ليصل إلى 40 الف جندي ومستشار ومتعاقد اميركي.

وبيّن نائب عن كتلة الدعوة النيابية في تصريح – دون الكشف عن اسمه – في (5 نيسان/ أبريل 2017) أن “بقاء أية قوة أميركية على الأراضي العراقية بحاجة إلى موافقات الحكومة والبرلمان (…) وأعداد هذه القوات ستحددها الإتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين بغداد وواشنطن”.

القوى السياسية الكردية والسُنية وطيف من القوى الشيعية تؤيد إقامة تلك القواعد، لكن الذهاب إلى هكذا خطوة قد يُفجر الاوضاع السياسية في البلاد، ولاسيما مع وصول كتلة نيابية ممثلة لـ”الحشد الشعبي” إلى مجلس النواب هي (قائمة الفتح) في الانتخابات النيابية التي أجريت في 12 أيار/ مايو 2018، وتشاطرها في الرؤية كتلة (سائرون) التابعة لمقتدى الصدر.

صراع في الانبار على الطريق الدولي:

خاضت الاجنحة السياسية المتصارعة على الاستثمارات في الانبار حرباً مريرة، بلغت ذروتها على الاستفادة من استثمار الطريق الدولي، ودارت الخلافات بين فريقين محليين، يضم الأول محافظ الأنبار السابق صهيب الراوي (الحزب الاسلامي العراقي – الاخوان المسلمون) ومجموعة داعميه من أعضاء مجلس المحافظة، فيما الفريق المقابل، حركة الحل بزعامة جمال الكربولي و(ائتلاف الوفاء للأنبار سابقاً – تحالف عابرون حالياً) بزعامة وزير الكهرباء السابق قاسم الفهداوي – وكلا التحالفين يتمتعان بعلاقات جيدة مع السفارة الاميركية والمملكة الاردنية الهاشمية -، وسعى الكربولي والفهداوي إلى سحب الثقة من الراوي الذي لجأ إلى عدد من عشائر الأنبار الكبيرة للحصول على الدعم. وبالنهاية استطاع تحالف الكربولي – الفهداوي ازاحة الراوي، وتعيين القيادي في حركة الحل محمد الحلبوسي محافظاً في (29 آب/ أغسطس 2017) الذي قفز الى رئاسة مجلس النواب العراقي وفقاً لمخطط المحاصصة الجديدة لتشكيل الحكومة برئاسة عادل عبد المهدي.

وبحسب عضو مجلس محافظة الأنبار، طه عبد الغني، الذي كان يدعم بقاء الراوي بمنصبه، بأنه تلقى تهديداً مباشراً من وزير الكهرباء قاسم الفهداوي، على خلفية وقوفه ضد منح أحزاب متنفذة في المحافظة حصصاً مالية من عوائد استثمار الطريق الدولي.

ويوضح الراوي ان “حركة الحل بزعامة جمال الكربولي، وائتلاف الوفاء للأنبار بزعامة الفهداوي، يحاولان إجبار المحافظة على أن تدفع لهما 10% من العوائد المتوقعة لاستثمار الطريق الدولي”.

وتتوقع الانبار، الحصول على جزء من إيرادات المنفذ وتعيين الآلاف من أبنائها كمتطوعين لحماية الطريق، ولاسيما انها تبدو يائسة من وعود اعادة البناء والتنمية المحلية المتوقعة بعد انحسار تهديد تنظيم (داعش).

عضو بمجلس محافظة الانبار – فضّل عدم الاشارة الى اسمه – اكد في (6 آب/ اغسطس 2018) ان “الأنبار تتعرض لهجمة شرسة من قبل بعض الجهات السياسية والحزبية والمتنفذين الذين هم أهم أسباب تأخير استثمار الطريق الدولي وإعادة افتتاح المنافذ الحدودية بين العراق وسوريا والأردن والسعودية بشكل تام”، مضيفاً ان “بعض الجهات تريد مكاسب مالية وحصص كبيرة من مشروع تأهيل الطريق الدولي وتحاول بسط نفوذها في المنافذ الحدودية”.

عقد جديد لاستثمار الطريق الدولي:

في (23 آذار/ مارس 2018) سرّبت وزارة الاعمار والإسكان، معلومات عن اتمام العقد بشكل نهائي مع (Constellis) بعد ان “تلكأ لأسباب ادارية وفنية وقانونية”، ووفقاً لمعطيات الوزارة انها “فرضت علىOlive Group مجموعة شروط تتعلق بنوع الشركة المنفذة، والكلف المالية المترتبة على الإيرادات”.

لكن الشرط الاهم والذي يبدو انه كان حصيلة التفاوض طيلة الفترة الماضية، بأن يتم “تأمين الطريق بصورة كاملاً من قبل القوات الامنية العراقية”.

وفي التفاصيل، ووفقاً للمعلومات المُسرّبة، ان الاتفاق نص على التوقيع النهائي مع أحد اذرع الشركة العملاقة وهي (كوينز ليست) لتأهيل وتنفيذ وادارة المشروع الذي سيوفر 2500 فرصة عمل للشباب، ويضمن عائدات الى الحكومة العراقية بنسبة 60% لمدة 25 عاماً، وشروط عمل ابرزها خفض الكلف المفروضة على المركبات، اذ ستكون 169 دولارا للشاحنات الموردة للبضائع، و 78 دولارا لشاحنات الركاب، و13 دولارا لسيارات المسافرين (الصالون). وبموجب الاتفاق الجديد، سينفذ المشروع على مدى اربعة الى ستة اشهر.

الاردن – الشريك الاستراتيجي:

شددت “مجموعة عمل مستقبل العراق” التي يرأسها السفير الاميركي السابق في العراق رايان كروكر، في رؤيتها لاستقرار العراق لمرحلة ما بعد (داعش)، التي نُشرت في (آيار/ مايو 2017):

“من شأن اعادة طرق التجارة الرئيسة بين العراق والاردن الى العمل، المساعدة على تعزيز الاقتصاد الاردني، وبالتالي استقرار هذا الحليف، المعرض للخطر للولايات المتحدة (…) ويؤثر انعدام الامن في العراق على التدفقات التجارية، حيث توقفت التجارة العابرة للحدود، والتي تعتبر حاسمة بالنسبة لاقتصاد البلدان المجاورة مثل الاردن، وهو ما يعرقل مشاريع الاستثمار والتنمية التي يمكن ان تسهم في تعزيز الثروة والعمالة والاستقرار في المنطقة على نحو واسع”.

تعتقد ادارة الرئيس دونالد ترامب ان استثمار الطريق الدولي السريع، يخدم غرضين اساسيين في المرحلة الاولى من جني ثمار تحقيق المشروع، ويتمثلان بـ”تنمية محافظة الأنبار اقتصادياً، وإبعاد قوات (الحشد الشعبي) المدعومة من إيران عن الحدود مع الأردن والسعودية”.

خاض الاردن مع العراق مباحثات طويلة استغرقت نحو 8 اشهر في العام 2017، قبل الاعلان عن افتتاح المعبر التجاري بين البلدين في آب/ اغسطس الماضي، كانت بغداد تسعى بأي ثمن الى حصد “نجاح سياسي – امني” باعادة احياء المعبر، فيما كانت عمّان تشدد على حيازة مكاسب اقتصادية تحسن من اقتصادها المتعثر، ونجحت الاخيرة بالغاء الرسوم والضرائب عن نحو 500 مادة يوردها تجار اردنيون الى العراق. وشدد الاردن على ضرورة التزام العراق باتفاقية التجارة الحرة الثنائية الموقعة بينهما.

الاتفاق ايضاً تمخض عن تثبيت التعهد العراقي الدائم بمنح الاردن النفط الخام على شكل دفعتين، واحدة مجانية واخرى مخفضة السعر بنحو 100 الف برميل. فضلاً عن تنشيط حركة نقل النفط الخام عبر المعبر. والإسراع ببدء تنفيذ مشروع أنبوب النفط من العراق إلى الأردن لمسافة 1490 كلم، لتزويد احتياجاتها وتصدير النفط العراقي للدول الأخرى من خلال ميناء العقبة الأردني.

يعتقد الاردن بأن اغلاق المعبر مع العراق في تموز/ يوليو 2015، عرّضه الى خسائر فادحة، حيث انخفضت الصادرات الأردنية خلال العام 2016 بنسبة 8.9%، وبلغت حوالي 6.1 مليارات دولار فيما تراجعت قيمة المستوردات بنسبة 6.2% لتبلغ 19.22 مليار دولار، حسب إحصائيات رسمية.

فيما تشير احصاءات اخرى ان اقيام البضائع المتنقلة بين العراق والاردن عبر منفذ طريبيل قبل اغلاق المعبر، كانت تبلغ مليار دولار يومياً.

وتجاوزت خسائر قطاع الشاحنات في الأردن 1.2 مليار دولار بسبب إغلاق الحدود مع كل من سورية والعراق، بحسب تقديرات رئيس نقابة أصحاب الشاحنات الاردنية، محمد خير الداوود.

ولزيادة التطمينات الاميركية للاردن، اجرى فريق مشترك من وزارة الدفاع الاميركية وشركة استثمار الطريق الدولي (اوائل آب/ اغسطس 2017) لقاءات موسعة مع مسؤولين محليين وقادة بالجيش العراقي في الأنبار، والقيام بعمليات مسح جوي ورصد الأوضاع في المنطقة بشكل عام، بدءًا من الحدود مع الأردن، وعلى طول الطريق الدولي الرابط بين بغداد وعمان.

نائب الرئيس التنفيذي لشركة (Constellis)، الشركة الأم لشركة (Olive Group) كريستيان رونو، يُعلّق:

“الامور السياسية في العراق تغمرها التحديات، نتمنى ان الشعب العراقي والشعب الاردني سينظرون الى هذا المشروع لما بني من اجله وهو مورد حياتي اقتصادي (…) خلال الفترات المزدهرة والآمنة كان الطريق السريع من بغداد الى عمان يشكل قناة تجارية مهمة حيث تذهب وتأتي ما يقارب من 1500 شاحنة يوميا عبر هذا الطريق مولدة عوائد تجارية بمقدار مليار دولار بالشهر. أما في الازمنة الخطرة كما هو الحال في السنوات الاخيرة فان المعبر الحدودي الرسمي مع الأردن قد اغلق، ورغم ذلك فان سائقي الشاحنات استمروا باستخدام الطريق واضعين أرواحهم بكفوف ايديهم”.

سيطر تنظيم “الدولة الاسلامية – داعش” على الطريق الدولي بعد منتصف عام ٢٠١٤. وأغلقت الحكومة العراقية منفذ طريبيل نهاية عام 2015، لمنع استخدامه لتمويل التنظيم عبر فرض الاتاوات على الشاحنات الداخلة الى البلاد.

وتأكيداً لمساعي تحصين الاردن اقتصادياً من الهزات الجديدة المرتقبة في المنطقة، وضمن مساعي واشنطن الى تحييد عمّان عن مخاطر الصراع بوصفه المنطقة العازلة والجبهة التي يجب الّا تفتح، أعلن الديوان الملكي الأردني، في (16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018) عن تفاصيل من مباحثات الملك عبد الله الثاني والرئيس برهم صالح، تركزت على احياء مشروع مد أنبوب نفطي من البصرة إلى ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر، وتأهيل الطريق البري بين عمان وبغداد، وإنشاء منطقة صناعية مشتركة على الحدود بين البلدين.

وفقاً للاتفاق القديم – الجديد، يفترض أن ينقل الأنبوب المقترح النفط الخام من حقل الرميلة العملاق في البصرة إلى مرافئ التصدير في ميناء العقبة الأردني، على أن يزود الأردن بجزء من احتياجاته من النفط. وبحسب بيان الديوان الملكي فأن صالح يرى ان “تنفيذ المشروع يعتبر استراتيجيا بالنسبة للعراق”.

الاتفاق الذي تبث فيه الحياة الان، وقع بين الأردن والعراق في أبريل/ نيسان 2013، يقضي بمد أنبوب بطول 1700 كلم لنقل النفط العراقي إلى الأردن بكلفة تقارب نحو 18 مليار دولار، وسعة مليون برميل يوميا. ومن جهتها تأمل المملكة الأردنية التي تستورد 98% من حاجاتها من الطاقة بأن يؤمن الأنبوب احتياجاتها من النفط الخام التي تبلغ نحو 150 ألف برميل يوميا، والحصول على مئة مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا. وبالاصل، فأن بغداد وعمّان يرتبطان باتفاق وقع مع النظام السابق يتضمن تزويد الأردن بنحو 30 ألف برميل يوميا من النفط العراقي الخام، إضافة لألف طن من الوقود الثقيل، إلا أن الاتفاق توقف نتيجة المتغيرات الحاصلة في العراق.

قناة جافة لربط المشاريع الكبرى:

يعد الطريق الدولي السريع، قناة اقتصادية جافة، تربط بين سواحل الخليج العربي بمنطقة العقبة الاستراتيجية، ما يجعل هذه القناة تتمتع بفرادة تجارية عملاقة. فمستقبلاً تمثل خطاً حيوياً بين منطقة الاستثمار الكويتية في شمالها ومجموعة الجزر المشتركة مع العراق بشراكة ايرانية، والمعروف بـ”مشروع الكويت الجديدة” والذي اعلن عنه في (21 آذار/ مارس 2018) وبين مشروع (نيوم – Neum) السعودي العملاق على البحر الاحمر.

وبالتالي فأن الربط بين هذين المشروعين العملاقين يتوجب توظيف القناة العراقية الجافة التي تنطلق من ميناء ام قصر المحادد لدولة الكويت بعائدات مالية كبيرة، مع امكانية اعادة بناء خارطة التوازن السياسي في جنوب ووسط العراق مع تدفق الاستثمارات الخليجية التي اقرّها مؤتمر المانحين لاعمار العراق في الكويت، فالمملكة العربية السعودية تسعى الى تدخل اقتصادي ناعم في المنطقة لتقليص النفوذ الايراني عبر مشروعات كبيرة توظف الاف العراقيين الشبان من المحافظات التي تعاني فقراً هائلاً نتيجة سياسيات الاخفاق الاقتصادي والفساد وعسكرة المجتمع.